أسير الكربات

من الصعب أن يتحمّل الإنسان الأمانات العظمى فضلاً عن الدنيا، فلقد عرضت على الجبال فأبين حملها وأشفقن منها.
اليوم في ذكرى وفاة الإمام الكاظم عليه السلام، الذي أودع في مطامير الأرض، وقُيّد بحلق القيود، فبات أسير الظَلمة والدنيا الفانية، تشرّف جمع من العلماء والفضلاء والزوار بمحضر آية الله العظمى السيد السيستانيّ – دام ظلّه – وكان خطيب المجلس الشيخ عبد الله الدجيليّ، الذي يستنهض الدمعة بوجدانيات شعر الرثاء المحمّدي فيطلقها.
العين تربو وتتأمّل في شخص السيّد دام ظلّه فتجده – رغم قيود الأمانات التي قُيّد بها (الفتوى، والحقوق، ورعاية الرعية والحرص عليها، …) – جبلاً أشم، فتجول ثمّ في خواطرك فترى أثير العزّة والهيبة الإلهيّة يتصاعد عندك شيئا فشيئا، وترى مواطن الإقبال على الله تعالى حاضرة.
وينجرّ ذكر المصاب فيتحوّل ذاك الجبل الشامخ بهيبته من طأطأة الرأس والكفين التي على فخذيه، وهي جلسته المعروفة بمحضر جلاسه، إلى رجل يكفكف دمعه لمصاب راهب آل محمّد صلوات الله عليه.
تلك الدموع التي تراها منه يتخذها المرء قدوة له في مسيره اليومي، فأمامك ليس أيّ رجلٍ، بل أمامك مرجع طائفةٍ اختزل تراثها، وعلمها، وأدبها بشخصه الكريم، فأيّ أسوة لنا به.
إيه إيه سيدي يكفي دعاؤك في ختام المجلس للعراقيين، وللشهداء، والمصابين ولمن حضر، ويكفيك حمل عبء ماتحمله عنّا أجراً وإحسانا، فجزاك الله عنّا خيراً سيّدي، وجزى كلّ من يدور في رحى خدمتك سيدي.
فقد أثّرت رؤيتك فينا، فجدّدت الارتباط بالله تعالى وبنبيّه الكريم وبأوليائه المظلومين صلوات الله عليهم.

بقلم : الباحث والمؤرخ احمد علي الحلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى