زيارة بايدن وأزمة الوقود العالمية…. هل هي أزمة نفط خام أم أزمة مشتقات؟

بقلم : مرتضى العزاوي

لفهم ذلك يجب أن ندخل الى عمق الصناعة النفطية العالمية، المتمثلة بقطاع التصفية.
صحيح أن الأسواق والبنوك تراقب وتتفاعل مع أسعار النفط، لكن مالكي المصافي هم الذين يشترون النفط الخام ويتعرضون لأسعاره، اما نحن الباقين (الاقتصاد الحقيقي) فنشتري المشتقات النفطية المكررة مثل البنزين والديزل، لذلك فإن الأسعار ما بعد التكرير هو الذي يهمنا وليس النفط الخام بذاته.
في العادة فإن أسعار النفط الخام والمشتقات ترتفع وتنخفض بشكل متزامن ومتماثل في علاقة شبه خطية، والفرق بين السعرين يمثل هامش التصفية، لكن في الوقت الحالي تم كسر هذه العلاقة، فنرى أن ارتفاع أسعار المشتقات أعلى بكثير من إرتفاع أسعار النفط الخام بالمقارنة مع السنوات السابقة.

ماذا تغير؟ الذي تغير هو هامش التصفية، وهذا يعني ان أسعار المشتقات له جوانب وأسباب متعددة، بالإضافة إلى تذبذب أسعار النفط الخام.
من العام 1985 الى 2021 بلغ معدل هامش التصفية 10.50 دولار للبرميل، وحتى إثناء العصر الذهبي للمصافي بين عامي 2004 و 2008 بلغ أقصى هامش للتصفية 30 دولارا، ونادرا ما بقي هذا الهامش لأكثر من أسبوعين لأعلى من 20 دولارا للبرميل، ولكن في الأشهر الأخيرة تجاوز هامش التصفية 55 دولارا للبرميل الواحد.

الأسباب:
1. العامل الأهم هو إنخفاض سعات التصفية عالميا، وحسب البيانات المتوفرة فإن سعة التصفية (خارج الشرق الأوسط و الصين) إنخفض بمقدار 1,9 مليون برميل يوميا بين عامي 2019 و 2022، وقد يظن البعض ان الأمر مرتبط بجائحة كورونا ولكن في الحقيقة الأمر بدأ قبل ذلك بكثير، حيث بدأت المصافي القديمة تفقد قدرتها على التنافس في السوق وازدادت التشريعات البيئية حول العالم وكذلك اخبار التوقعات للانتقال نحو الطاقة البديلة، كلها عوامل سببت خوفا لدى الشركات لذلك قطعوا الاستثمارات، بل قاموا ايضا بإغلاق الكثير من المصافي واكملت انهيار أسعار الوقود اثناء الجائحة حلقة الاغلاقات وتسببت بإغلاق مصافي اكثر حول العالم.

2. ارتفاع الطلب العالمي على المشتقات والذي أدى إلى انخفاض كبير في المخزونات حول العالم.

3. قيام الولايات المتحدة وحلفائها بإطلاق كميات كبيرة من النفط الخام للسيطرة على أسعار النفط الخام بدون وضع معالجات لقطاع التصفية.

4. العقوبات المفروضة على روسيا والتي تعتمد اوروبا بشكل كبير ليس فقط على نفطها الخام وإنما على المشتقات النفطية الروسية، حيث أكدت الكثير من المؤسسات المتخصصة ان روسيا قامت بخفض إنتاج مصافيها بواقع 1.5 مليون برميل يوميا.

من المستفيد؟: المستفيدون هم مالكي المصافي من شركات ودول حول العالم، حيث يستمتعون بهدوء من هذا الهامش الربحي الجنوني، وإثناء ذلك يلقي العالم اللوم على أوبك و باقي منتجي النفط الخام.

زيارة بايدن تأتي زيارة بايدن الى الشرق الأوسط للضغط على منتجي أوبك الكبار لرفع إنتاجهم من الخام، في وقت وصلت معدلات الإنتاج في هذه الدول الى مستويات ما قبل الجائحة، في حين انخفضت قابلية قطاع التصفية العالمي بشكل كبير، فهل ستساهم رفع أنتاج الخام الى تخفيض أسعار المشتقات؟

صحيح أن العراق ثاني أكبر منتج للنفط الخام ضمن أوبك ولكنه متخلف جدا عن باقي الأعضاء في قطاع المصافي، بل ويستورد ثلث إحتياجاته من المشتقات وبالأسعار العالمية، وبذلك فإن العراق تحمل خسائر مالية كبيرة لإستيراد المشتقات ولم يتمكن من تحقيق الأرباح من قطاع التصفية لعدم أمتلاكه المصافي.
لإن العراق إستنفذ إيراداته النفطية بدون أي تخطيط أو إصلاحات إقتصادية حقيقية وإستمر بالتوسع في النفقات التشغيلية ودعم الطاقة والخدمات، وبالتالي لم يتم توجيه الأموال نحو تطوير وبناء المصافي والبتروكيماويات وغيرها من المشاريع التنموية الحقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى